شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، توقيع اتفاق استثماري جديد بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وشركة “الديار” القطرية، لتطوير مساحة 4901 فدان بمنطقة “سملا وعلم الروم” في الساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح، بهدف إقامة مشروع عمراني وسياحي متكامل بمواصفات عالمية.
توقيع شراكة تنموية لتطوير علم الروم بالساحل الشمالي
يشمل المشروع إقامة مناطق سكنية راقية ومرافق سياحية وترفيهية وبحيرات صناعية، إضافة إلى مارينا دولية، وبنية خدمية متكاملة تضم محطات كهرباء وتحلية ومعالجة مياه، ومستشفيات ومدارس وجامعات، بحيث يعمل المجتمع العمراني المزمع إنشاؤه على مدار العام وليس خلال موسم الصيف فقط.
آلية الشراكة والهيكل المالي للاتفاق
أوضح رئيس الوزراء أن الاتفاق يقوم على تخصيص الأرض مقابل مزيج من المقابل النقدي والعيني وحصة من الأرباح. ووفقًا لبنود الاتفاق، ستحصل الدولة على 3.5 مليار دولار نقدًا قبل نهاية العام، إلى جانب وحدات سكنية بقيمة تقديرية تبلغ 1.8 مليار دولار بعد تنفيذها، إضافة إلى حصة تعادل 15% من صافي أرباح المشروع بعد استرداد التكاليف الاستثمارية.
رسالة سياسية واقتصادية تعكس قوة الشراكة بين مصر وقطر
أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الاتفاق يعبر عن عمق العلاقات الأخوية بين مصر وقطر، وتوافق قيادتي البلدين على تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري، مشيرًا إلى أن المشروع يأتي ضمن استراتيجية أوسع لزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر ودعم النمو الاقتصادي المستدام.
استثمارات ضخمة وفرص تشغيل واسعة
من جانبه، أوضح سعادة السيد عبدالله بن حمد بن عبدالله العطية، وزير البلدية ورئيس مجلس إدارة الديار القطرية، أن حجم الاستثمار الكلي للمشروع يقدر بنحو 29.7 مليار دولار، وأنه من المتوقع أن يوفّر أكثر من 250 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، بما يدعم تشغيل الساحل الشمالي على مدار العام.
كما أكد المهندس علي محمد العلي، الرئيس التنفيذي لشركة الديار القطرية، أن مشروع علم الروم سيكون “محطة تطويرية مميزة تعيد تعريف معايير السياحة والإقامة على البحر المتوسط”، مع طاقة فندقية تتجاوز 4,500 غرفة، وتخطيط عمراني متكامل ينسجم مع البيئة الساحلية.
دلالات اقتصادية وعمرانية أوسع
يحمل المشروع دلالة تتجاوز مجرد اتفاق تطوير عقاري، إذ يأتي في مرحلة تسعى فيها الدولة لتعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي وتخفيف الضغوط على ميزان المدفوعات. فالحصول على دفعة نقدية كبيرة يدعم الاستقرار المالي، بينما يمنح المقابل العيني والحصة من الأرباح الدولة قدرة على تحقيق عائد طويل المدى من الأصول دون التخلي عنها.
كما يمثل المشروع خطوة نحو إعادة تعريف الساحل الشمالي بوصفه منطقة تنمية دائمة وليست وجهة موسمية، عبر دمج السكن والسياحة والتعليم والصحة والخدمات العامة في نسيج واحد قادر على توليد نشاط اقتصادي مستمر. ويعني ذلك انتقالًا عن نموذج المضاربات العقارية إلى نموذج قائم على التشغيل والتوطين والإقامة على مدار العام.
ومن الناحية التشغيلية، فإن خلق مئات الآلاف من فرص العمل المتنوعة يمكن أن يحفّز نمو المدن المحيطة ويعيد توزيع النشاط الاقتصادي داخل محافظة مطروح، الأمر الذي يعزز التنمية الإقليمية بدل تركّزها في نطاقات حضرية محدودة.
وبهذا تتحول منطقة علم الروم إلى مشروع تطوير متعدد المستويات: اقتصاد مباشر، وتنمية مكانية، وشراكة استثمارية طويلة المدى. وسيظل نجاح التجربة مرتبطًا بقدرة الأطراف على إنجاز المراحل الأولى بسرعة، وضمان توازن بين الجدوى المالية واستدامة الخدمات، بما يحافظ على قيمة المشروع على المدى الطويل.