توقع عددا من خبراء صناعة التشييد والبناء أن يحصد القطاع تأثيرات سلبية قوية إرتباطا بإرتفاع سعر الدولار ومرونة سعر الصرف أمام الجنيه ، وقرارات إرتفاع سعر الفائدة ، مؤكدين أن الشركات العاملة بالصناعة تتعرض حاليا لتحديات قوية وضغوط مستمرة تزيد من حدة المخاطر التى تقابل مخططات النمو التى تطمح إليها الشركات ، وأجمعوا على أن 2023 الحالى سيمثل العام الأصعب أمام قدرة الشركات على الصمود فى مقابلة تزايد التحديات وإرتفاع نسب المخاطر .
وأكدوا أن مرونة سعر الصرف تستهدف ضبط وتنظيم الأوضاع بالسوق المحلية وإنهاء المضاربات القائمة على سوق العملة ، على الرغم من التداعيات التى ستطرأ على كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية ، مشيريين إلى أنه باستقرار الأوضاع سيتمكن القطاع من طرح بدائل جديدة لتخطى العقبات الاقتصادية والخروج من الأزمات المتلاحقة فى الوقت الراهن.
وقال المهندس فتح الله فوزى ، رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال المصريين ، أن مرونة سعر الصرف فى الوقت الراهن تنعكس بتغيرات وتحولات كبيرة على صناعة التشييد والبناء ، حيث تؤثر ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه على حدوث زيادة مباشرة فى تكلفة تنفيذ المشروعات وخلل واضح فى التعاقدات الموقعة على المشاريع الجديدة .
وتوقع أن يشهد السوق العقارية ارتفاعا بنسب لا تقل عن 30 % خلال 2023 الجارى تقابلها تحديات واضحة فى مستوى أداء وحركة المبيعات بالسوق ، وتأثير قوى ومباشر على الشركات الصغيرة فضلا عن أزمة قوية أمام الشركات الكبرى ، مؤكدا أن قطاع التشييد والبناء والتطوير العقارى يمتلك نسب تشغيل مرتفعة ، تحتاج إلى نمو مستمر فى الأعمال لضمان حماية الأوضاع .
أضاف أن شركات المقاولات المحلية تتكبد خسائر فى ظل ارتفاع مضطرد لكافة أسعار مواد البناء بنسب مختلفة ، فضلا عن صعوبة تحمل الزيادات بصفة مستمرة فى ظل وجود إلتزامات أخرى أمام الشركات، وإلى جانب ذلك تواجه الشركات ارتفاعا فى سعر الفائدة على التمويلات من البنوك وهو ما يلقى بإنعكاسات سلبية واضحة على الأوضاع المالية للشركات تؤثر بقوة على عمليات التنفيذ ، وإلى جانب ذلك ، أكد أن السوق المحلية يمتلك مميزات رئيسية تتمثل فى وجود طلب حقيقى على السكن ومتراكم لسنوات سابقة ، الأمر الذى يضمن بقاء تحرك مؤشرات البيع والشراء على مستوى التملك بغرض السكن، وعلى جانب آخر من المتوقع إنخفاض عمليات الشراء بالسوق العقارية بغرض الاستثثمار بنسب تتراوح بين 15 إلى 20 % فى العام الجارى.
كما توقع للشركات الصغيرة العاملة فى السوق العقارية عدم القدرة على الصمود أمام التحولات الاقتصادية الراهنة والتخارج من السوق لعدم إمتلاكها ملاءة مالية قوية أو مخزون ضخم من الأراضى يُمكنها من طرح مشروعات جديدة تضمن خلالها تصحيح الأسعار وإستعادة قوة المبيعات.
على جانب آخر ، قال المهندس هشام أبو العطا ، رئيس الشركة القابضة للتشييد والتعمير ، أن مرونة سعر الصرف التى يشهدها الدولار أمام الجنيه حاليا هى محاولة للاقتراب من الواقع أكثر ، بعد أن وصل سعر الدولار فى السوق السوداء فى الأيام الماضية لأعلى من حاجز الـ 30 جنيها ، مضيفا أن السماح بمرونة سعر الصرف حاليا من قبل الدولة يمثل آلية لضبط الأوضاع وإنهاء أزمة المضاربات فى العملة التى تحدث حاليا بالسوق .
وأكد أن تحرك سعر الدولار للصعود ينعكس حتما بأزمة قوية على قطاع التشييد والبناء والذى يواجه حاليا مخاطر إرتفاع سعر الفائدة التى تُحجم فرص الاستثمار وتوجه رؤوس الأموال للاستثمار فى الشهادات البنكية مقابل فرص أقل للتشغيل فى القطاع .
أشار إلى أن قطاع التشييد والبناء يحصد حاليا زيادة جددية فى تكلفة تنفيذ المشروعات لا تقل عن 50 إلى 60 % ، مؤكدا أن مرونة سعر الصرف تنعكس بزيادات مباشرة على تكلفة التنفيذ على الرغم من تباين واختلاف نسب الارتفاع فى مواد البناء المحلية والمستوردة ، لافتا إلى أن عام 2023 سيكون الأصعب أمام قطاع شركات المقاولات فى ظل تزايد حدة العقبات الاقتصادية وتباطؤ حجم الأعمال داخليا إرتباطا بخفض الانفاق على المشروعات بالدولة .
أضاف أن قطاع التشييد والبناء شهد خلال الـ 5 سنوات الماضية إنفاق نحو 400 مليار دولار كمعدل للصرف على مشروعات البنية التحتية ، ولن تستمر هذه المعدلات بنفس الوتيرة القوية خلال السنوات المقبلة، والتى ستشهد إنحسار فى فرص الأعمال ، مما يخلق أزمة أمام القطاع .
لفت إلى أهمية التوجه نحو الأسواق الخارجية واستغلال الفرص الواعدة بالدول التى تطرح مخططات تنموية قوية ، مشيرا إلى أن السعودية تمثل حاليا مصدرا جديدا للمشروعات التنموية الكبرى التى تستوعب طاقات الشركات المصرية ونسب التشغيل المرتفعة بها، إذ يضم قطاع التشييد أعلى نسب من العمالة محليا ، وذلك فى مقابل إنخفاض فرص الأعمال بدول العراق وليبيا واليمن لعدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية .
وقال أن التغيرات المتسارعة فى الأوضاع الاقتصادية وتحركات سعر الصرف خلال الفترة الراهنة تستدعى خلال الفترة المقبلة إعادة تسعير لكافة المشروعات وهو ما سيترتبب عليه إلحاق خسائر مباشرة بعددا من الشركات ، وتأثر شركات المقاولات والتطوير العقارى سلبا ، ملمحا إلى أن إقرار التعويضات المالية لقطاع الماولات لن يكون كافيا لحل الأزمة خاصة وأن التعويضات المالية منذ إقرارها فى 2016 لا تغطى بصفة عامة حجم الفوارق الحقيقية فى الأسعار التى تتكبدها شركات المقاولات.
جدير بالذكر، أن سعر الدولار حقق قفزة قوية خلال تعاملات اليوم الأربعاء 11 يناير مقابل الجنيه ، وذلك بعد آخر ارتفاع سجله الدولار مقابل الجنيه وتخطيه حاجز الـ 30 جنيها، وسط توقعات بأن يشهد الدولار تحركات ليواصل الارتفاع في مقابل الجنيه داخل البنك المركزي المصري والبنوك المصرية الأخرى ، إذ ترجع هذه التحركات إلى الاتفاق على سعر صرف مرن مستدام مقابل الحصول على قرض صندوق النقد الدولى .