أكد عددا من خبراء قطاع التشييد والبناء أن الفترة المقبلة ستشهد زيادات جديدة فى أسعار كافة مدخلات مواد البناء بالسوق المحلية وهو ما يساهم فى زيادة الضغط على شركات المقاولات بتحمل أعباء إضافية فى ظل الالتزام بتنفيذ حزمة من المشروعات المتعاقد عليها فى الوقت الراهن، وذلك تأثرا بصعود سعر الدولار بالسوق المحلية.
وأعلن البنك المركزي صباح اليوم رفع الفائدة بمعدل 1% في اجتماع استثنائي ، حيث قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي في اجتماع استثنائي رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي، بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 9.25% و10.25% و9.75% على الترتيب.
وشهد سعر الدولار ارتفاعًا جديدًا أم الجنيه المصري بحلول منتصف تعاملات اليوم الاثنين 21-3-2022، ليسجل مستوى 17.72 جنيه للشراء و 17.82 جنيه للبيع وذلك بداخل نحو 16 بنكا محليا، فيما أبقت البنوك الحكومية الكبرى، الأهلي ومصر والقاهرة، على الأسعار عند مستوى 17.42 و 17.52 للشراء والبيع على التوالي.
زيادات جديدة فى أسعار مدخلات البناء المستوردة تفرض أعباء إضافية على شركات المقاولات
ومن جانبه أكد المهندس محمد سامى سعد، رئيس مجلس إدارة الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء ، أن قرار البنك المركزى برفع أسعار الفائدة يأتى فى إطار استهدافه السيطرة على التضخم وكبح السيولة ، مشيرا إلى أن القرار يحمل تداعيات متتالية على قطاع الإنشاءات المحلية والعديد من الأنشطة الاقتصادية بالدولة.
أضاف أن قطاع التشييد سيواجه موجة ثانية وجديدة من ارتفاع الأسعار فى كافة مدخلات البناء الرئيسية والتى تعتمد عليها شركات المقاولات بشكل أساسى فى تنفيذ المشروعات المتعاقد عليها، موضحا أن نسبة كبيرة من مدخلات البناء يتم استيرادها من الخارج وبالتالى سترتفع أسعارها نتيجة ارتفاع أسعار الدولار، وهو ما يُحمل أعباء إضافية على الشركات وجهات الإسناد للمشروعات.
وأوضح أن اتحاد المقاولين المصرى تقدم فى 17 مارس الجارى برفع مذكرة عاجلة إلى مجلس الوزراء للمُطالبة بمنح مهلة زمنية إضافية تُمد إلى عقود مشروعات شركات المقاولات وذلك بسبب تداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية والتى تسببت تداعياتها فى حدوث إرتفاع فى أسعار خامات البناء وبخاصة الحديد والأسمنت فضلا عن نقص حجم المعروض من مواد البناء بالسوق وتزايد الطلب من شركات المقاولات لتنفيذ المشروعات المتعاقد عليها طبقا للبرامج الزمنية المحددة لها.
أشار إلى أن الاتحاد حرص على التقدم بمقترح مد المهلة الزمنية الإضافية أمام شركات المقاولات للتحوط ضد مخاطر التعثر وبغرض منح مهلة لضبط وتنظيم الأوضاع بالسوق ومنع التكالب المتزايد على شراء خامات البناء، موضحا أن المقترح المُقدم أمام الحكومة تضمن عمل أولويات للمشاريع الجارى تنفيذها بالدولة وتقسيمها إلى ( مشروعات عاجلة – ومشروعات هامة – ومشروعات أقل أهمية ) بغرض منح مدد زمنية مناسبة لطبيعة المشروعات بالسوق تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر ، وهو ما يساهم فى ضبط السوق.
وقال أن قطاع التشييد والبناء واجه زيادات ملمسة فى أسعار مواد البناء لسببين رئيسيين، السبب الأول تمثل فى أزمة الحرب الروسية الأوكرانية وهى عوامل خارجية رئيسية، والسبب الثانى تمثل فى سياسة الاحتكار وارتفاع الأسعار بصورة متزايدة نتيجة إختفاء بعض الخامات من السوق وهو ما تسبب فى إحداث حالة من الارتباك تستدعى اتخاذ إجراءات لضبط السوق وحماية منظومة العمل أمام شركات المقاولات.
وتابع: أنه على الرغم من التداعيات الصعبة التى سيظهر تأثيرها على قطاع المقاولات نتيجة قرار البنك المركزى الصادر اليوم وإرتفاع سعر الدولار إلا أنه يعد قرار تنظيمى يدعم الحفاظ على الدولار رغم ما سيحمله من أعباء على الدولة فى الوقت الراهن ، إلا أنه سيساهم فى تحجيم الضغط على الدولار ومنع العودة مرة أخرى إلى أزمة نقص الدولار والتى يتبعها أزمات فى استيراد السلع الهامة وعلى رأسها الأدوية .
إعادة تسعير المشروعات العقارية “الحل الآمن” أمام المطورين العقاريين لخفض حدة تداعيات الأزمة فى الفترة المقبلة
وأكد المهندس فتح الله فوزى، رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال المصريين ، أن قطاع التشييد والبناء سيواجه زيادات جديدة للمرة الثانية فى أسعار مواد البناء تؤثر بالتبعية على حجم التكلفة ، وهو ما يضع القطاع أمام تحدى جديد سيتطلب تدخل من الدولة بدعم الشركات من خلال الحصول على فروق للأسعار وتعويض المقاولين لرفع جزء من الضرر الواقع عليهم، فضلا عن ضمان إستمرارية العمل فى المشروعات المتعاقد عليها.
وأضاف أن قطاع التطوير العقارى سيواجه أزمة قوية نتيجة إرتفاع أسعار التنفيذ فى المشروعات وستكون هذه الارتفاعات مستمرة فى ظل استيراد غالبية مدخلات البناء الرئيسية من الخارج، وهو ما سيتطلب من الشركات العقارية العمل على إعادة تسعير المخزون المتبقى لها من وحدات بالسوق المحلية فى الوقت الراهن مراعاة للموقف وخفض حدة التداعيات السلبية لارتفاع الدولار فى الوقت الحالى، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من الشركات العقارية إنتهت من مبيعات نسب ضخمة من مشروعاتها العقارية قبل البدء فى التنفيذ وهو ما يُحملها أعباء جديدة حاليا لوجود فروق سعرية بين قيم المبيعات وتكلفة التنفيذ فى المشروعات.
وأوضح أن القطاع العقارى أصبح فى مواجهة تحدى جديد يُزيد من صعوبة الموقف أمام الشركات والتى ستتحمل أعباء جديدة فى تكلفة تنفيذ المشروعات يصعب تحميلها على المستهلك النهائى لمنع الدخول فى أزمة انخفاض القوة الشرائية فى الوقت الراهن.
تدخل الدولة وصرف فروق الأسعار ووضع أولوية للمشروعات العاجلة “ضرورة” لإنقاذ القطاع من التعثر
وقالت المهندسة راندا حافظ ، رئيس مجلس إدارة شركة كونسيرف للمقاولات ، أن قطاع الإنشاءات سيتأثر بشدة على خلفية قرار البنك المركزى والصعود المتزايد فى سعر الدولار فى ظل وجود اعتماد كلى لمشروعات شركات المقاولات على خامات بناء رئيسية يتم استيرادها من الخارج فضلا عن وجود نسب كبيرة للمكونات المستوردة فى كافة المشروعات ، موضحة أن تقييم تداعيات الأزمة الراهنة على السوق سيتضح بشدة خلال الفترة المقبلة وبعد حدوث استقرار فى السعر، كما لفتت إلى أن صعود الدولار سيلقى بتداعياته السلبية على كافة الأنشطة الاقتصادية وليس قطاع المقاولات فقط.
أشارت إلى أن الأزمة الراهنة وتداعيات قرار البنك المركزى تستدعى وبشدة تدخل الدولة بآليات حاسمة لضبط الأوضاع أمام قطاع المقاولات، موضحة أن الأزمة تتطلب مزيد من التعاون والتكاتف بين جهات إسناد المشروعات وشركات المقاولات لخفض حدة المخاطر وضمان استمرار الأعمال بالسوق، مؤكدة أنه من الصعب أن يتحمل القطاع بمفرده تأثيرات وتبعيات هذه القرارات دون وجود تعاون من كافة الأطراف المعنية بصناعة التشييد.
وأضافت أن قطاع المقاولات خاض التجربة من قبل عقب صدور قرار تعويم الجنيه وتم اتخاذ إجراءات لحماية أعمال القطاع، وهو ما يؤكد أن الأمر يستدعى الوصول إلى آلية سريعة تُسهل أعمال الشركات فى الوقت الراهن لمنع أي تعطل فى المشروعات المتعاقد عليها، خاصة وأن مواجهة هذه الأزمات الاقتصادية سيعتمد بالأساس على استمرارية العمل وزيادة الإنتاج ومنع التعطل على مستوى كافة القطاعات والأنشطة الاقتصادية.
ومن جانبه قال المهندس محمد عبد الرؤوف، رئيس شركة الكرتنك للمقاولات وعضو مجلس إدارة الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد ، أن قطاع التشييد أصبح يواجه أزمة متكاملة وشديدة الصعوبة فى الوقت الراهن تفرضها تغيرات الأوضاع الاقتصادية ومتطلبات الفترة الراهنة، إلا أنه من الضرورى أن يتم التدخل وبصورة عاجلة لخفض الضرر القائم على الشركات وتقليل حدة الضغط على أوضاع الشركات وزيادة أزماتها بالسوق، مؤكدا أن كافة أسعار مواد البناء ستشهد إرتفاعات سعرية جديدة وفى مقدمتها الحديد والأسمنت الذى يشهد قفزات سعرية غير مبررة .
وأشار إلى وجود عدة إجراءات سريعة من شأنها ضبط أوضاع قطاع المقاولات خلال الفترة الراهنة ودعمه فى مواجهة أزمة ارتفاع الأسعار ، وتتمثل فى تحديد أولويات للمشروعات الجارى تنفيذها بالدولة ومنح أولوية لدعم المشروعات العاجلة وتمكين شركات المقاولات المتعاقدة عليها من استكمال التنفيذ طبقا للبرامج الزمنية المحددة وهو ما يتطلب تدخل من الدولة وجهات الإسناد المالكة للأعمال، بالإضافة إلى مراعاة صرف فروق الأسعار وتطبيقها على كافة جهات الإسناد بالدولة ، موضحا أن وزارة الاسكان كجهة إسناد كبرى لن تواجه أية مشكلات فى صرف فروق الأسعار لشركات المقاولات خاصة وأن جميع أسعارها فى المشروعات المطروحة هى أسعار تقديرية ، إلا أن باقى جهات إسناد الأعمال بالدولة لديها مشكلات فى صرف فروق الأسعار، كما أشار إلى أهمية تفعيل عملية صرف فروق الأسعار طبقا لما ينص عليه قانون 182 بتطبيق فروق الأسعار كل 3 أشهر متتالية ، موضحا أن غالبية جهات الإسناد تقوم بصرف فروق الأسعار فى نهاية كل مشروع وهو ما يُحمل شركات المقاولات أعباء مالية كبيرة .