التمثيل التجاري: فرص كبيرة لنمو صادرات مواد البناء المصرية للدول العربية والأفريقية
الاتحاد الأوروبي وضع اشتراطات على صادرات الحديد والأسمنت تتعلق بحدود الكربون
أحمد شيرين كُريم : نمتلك 30 مليون طن أسمنت فائضًا ونسعى لتصدير أكثر من 15 مليونًا العام الحالي
المواصفات والجودة: تشكيل لجنة لبحث إصدار مواصفة خاصة بالبازلت المصري كبديل للأسمنت البوزلانا
مقرر لجنة الاستثمار الخاص بالحوار الوطني: اهتمام غير مسبوق من القيادة السياسية بتطوير الصناعة وزيادة معدلات التصدير
لدى قطاع مواد البناء جميع المقومات والجودة المؤهلة للمنافسة بالأسواق الخارجية حال توافر الدعم والمساندة اللازمين
ناقشت الجلسة الرابعة من ملتقى بناة مصر، ملف الصناعات الإستراتيجية المصرية وفى مقدمتها صناعات مواد البناء التى تعد شريكا رئيسيا فى مخططات التنمية، مستعرضةً أدوات الدولة لدعم تصدير مواد البناء كإحدى الصناعات الرئيسية التى تتشابك مع صناعة التشييد، واحتياجات الدعم السياسى والتشريعى لهذه الصناعات لتيسير فرص انتشارها بالخارج ودعم الاستفادة بخبراتها.
وطرحت الجلسة دور العلاقات السياسية مع دول المحيط العربى والأفريقى فى إتاحة فرص أكبر للشركات المصرية لتعميق وجودها بالخارج، فضلا عن ضرورة تقوية دور مكاتب التمثيل التجارى الخارجى لتسهيل الحصول على المعلومات المطلوبة حول مشاريع التنمية المتاحة وآليات التغلب على المعوقات المحتملة فى التنفيذ.
تحدث خلال هذه الجلسة التى أدارها المهندس أحمد كمال عبدالمنعم، المدير التنفيذى بمكتب الالتزام البيئى والتنمية المستدامة باتحاد الصناعات المصرية، كل من الوزير المفوض عمرو هزاع، مدير شئون الدول العربية بجهاز التمثيل التجارى، والدكتور أحمد شيرين كُريم، رئيس شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات المصرية، والمهندس عيسى رشوان، مدير عام منح الشهادات وتقييم المطابقة بالهيئة العامة للمواصفات والجودة، إضافة إلى الدكتور سمير صبرى، مقرر لجنة الاستثمار الخاص المحلى والأجنبى بالحوار الوطنى.
في البداية، قال الوزير مفوض عمرو هزاع، مدير شئون الدول العربية بجهاز التمثيل التجاري، إن صناعات مواد البناء شهدت تطورا كبيرا على مستوى العالم، ولكن فى الوقت نفسه، بدأ الاتحاد الأوروبي وضع اشتراطات تتعلق بالحدود الكربونية على بعض القطاعات منها الحديد والأسمنت.
وأضاف أن هناك فرصًا لنمو صادرات مواد البناء المصرية إلى الدول العربية والأفريقية، منوها بأن تصدير المواسير والرخام والسيراميك يرتبط بوضع شركات الاستشارات الهندسية مواصفات تتفق مع المنتجات المصرية.
وقال هزاع إن جهاز التمثيل التجاري يجري من خلال 20 مكتبا لديه في الدول العربية والأفريقية، دراسات تسويقية لتوفير الفرص التصديرية وكذلك تشجيع الشركات على المشاركة في المعارض والبعثات التجارية.
وأكد أن التوسع التصديري في الدول الأفريقية يتطلب توافر بنية تجارية من البنوك والشحن واللوجيستيات، خاصة مع صعوبة تصدير مواد البناء من خلال الطيران، ومن ثم يكون الشحن بحريا، لكنَّ هناك دولاً حبيسة يصعب الوصول لها ما يزيد من تكلفة التصدير لأفريقيا، لذا من الأهمية وجود فروع للبنوك المصرية خاصة أن صادرات مواد البناء تعد كثيفة لارتباطها بتنفيذ المشروعات.
وأشار هزاع إلى ضرورة وجود تنسيق بين المنتجين والشركات الاستشارية من أجل إيجاد فرص للمشاركة في المشروعات وأيضًا مع البنوك وخطوط الشحن، منوها بضمان مخاطر الصادرات في وجود اتفاقية مع وزارة الصناعة والمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات، فضلا عن وجود بنك تنمية الصادرات المصري.
وفيما يتعلق بالاتفاقيات التجارية ومدى الاستفادة منها، أوضح أن مصر ترتبط بالعديد من الاتفاقيات التجارية مع الدول والتكتلات الدولية، وهي مفعلة بشكل كبير إلا من بعض الاستثناءات التي تتطلبها الدول لظروف خاصة بها، منوها بأن قطاع التشييد والبناء يمكنه الاستفادة من اتفاقية تحرير تجارة الخدمات مع الدول العربية التي دخلت حيز النفاذ في 2019.
وطالب المجالس التصديرية والعاملين بقطاع التصدير والشركات المصدرة بأهمية الاطلاع على الاتفاقيات التجارية سواء مع التكتّلات الاقتصادية أو التجارة الحرة مع العديد من الدول التي تسهم في إزالة الرسوم الجمركية بما يعطي ميزة تنافسية للمنتجات.
وعلى جانب آخر، لفت هزاع إلى أن مكاتب التمثيل التجاري تعمل وفقا للإمكانيات المتاحة لتوفير الدراسات التسويقية والفرص التصديرية وقوائم المستوردين، رغم أن الفترة الماضية شهدت ترشيدًا في النفقات عبر تقليص عدد المكاتب التجارية وأعداد الدبلوماسيين التجاريين في تلك المكاتب ليتراوح بين فرد أو فردين في الدول الكبيرة مثل روسيا وأمريكا والصين والسعودية.
من جانبه، قال الدكتور أحمد شيرين كريم، رئيس شعبة الأسمنت بغرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات، إن صناعة الأسمنت في مصر لديها فائض يكاد يساوي حجم احتياجاتنا من الأسمنت، بجانب أنه يوجد طلب كبير على مواد البناء من الدول المحيطة، مشيرا إلى أهمية تصدير هذا الفائض من أجل توفير العملة الصعبة للبلاد، مؤكدا فى الوقت نفسه أن صناعة مواد البناء تمثل 20% من الصادرات المصرية.
وأضاف شيرين في كلمته أن صناعة الأسمنت تمثل 2 إلى 3% من حجم صادرات مواد البناء، منوها بأنه من المستهدف زيادة الرقم إلى 3 أضعاف خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها الدولة، واحتياجها للعمل الصعبة.
وأوضح أن صناعة الأسمنت يدخل فيها منتج محلي لأكثر من 50%، ولديها فائض كبير ينبغي تصديره مع طلب متزايد بالسوق الخارجية، ولكن ذلك يتطلب خطة ودراسة واضحتين مع إدارة متخصصة لتحقيق ذلك، إذ إن جميع الشركات الموجودة بالسوق المحلية سواء أجنبية أو محلية لديها فرص كبيرة للتصدير.
ولفت شيرين إلى أنه من ضمن التحديات التي تواجه القطاع ضبط الانبعاثات الكربونية، موضحا أن العديد من الشركات بدأت توفيق أوضاعها ولكن تحتاج لمزيد من الدعم والمساندة من جانب الدولة.
وأشار إلى أن مصر تنتج نحو 80 مليون طن أسمنت سنويًا، ولكن لدينا قدرة إنتاجية فعلية على إنتاج نحو 92 مليون طن، لافتا إلى أن أقصى استهلاك لمصر من الأسمنت سجل 56 مليون طن خلال 2016، ولكن تراجع إلى 47 مليونًا خلال 2023.
وتوقع تراجع إنتاج الأسمنت إلى 45 مليون طن خلال العام الجاري، في ظل إيقاف تراخيص مواد البناء، لافتا إلى أن حجم استهلاك مصر من الأسمنت غير المرخص وصل إلى 60% من إجمالي حجم الاستهلاك، لكنه تراجع إلى 20% مع عمل القوانين الجديدة الخاص بالبناء وعمل تصالحات مواد البناء.
وعن الصادرات، أوضح شيرين أنه تم تصدير نحو 13 مليون طن خلال 2023، ومن المستهدف تصدير أكثر من 15 مليون طن خلال 2024، وبالتالي يكون التصدير والاستهلاك نحو 60 مليون طن، ومن هنا يكون لدينا نحو 30 مليون طن فائضًا لم ينتفع به.
من ناحيته، كشف المهندس عيسى رشوان، مدير عام منح الشهادات وتقييم المطابقة بالهيئة العامة للمواصفات والجودة، عن تشكيل لجنة حاليًا لبحث إصدار مواصفة خاصة بالبازلت المصري كبديل للأسمنت البوزلانا، مؤكدا حرص الهيئة على منح شهادة الاعتماد والتي تم الحصول عليها من المجلس الوطني للاعتماد «إيجاك» طبقًا لمتطلبات المواصفة القياسية الدولية أيزو 17065، لجميع الأنشطة بالدولة.
وأضاف عيسى في كلمته، أن الهيئة تحرص كذلك على أن تكون مطابقة للمواصفات القياسية المصرية، الأمر الذي يعمل على منح الثقة في المنتجات المصرية ويدعم فتح أسواق خارجية وبالتالي يزيد من فرصها للتصدير.
وأشار مدير عام منح الشهادات وتقييم المطابقة بالمواصفات والجودة، إلى أن قطاع مواد البناء يعتبر رقم واحد في مجالات الاعتماد لدى الهيئة، مؤكدا أن المواصفات القياسية تتيح مزيدا من الثقة كما تعد أحد أهداف التنمية المستدامة، والتي تنادي بها الدولة.
وأضاف رشوان أن الهيئة تعد داعما أساسيا للمنتجات المصرية، وأنه نظرا لحماية سمعة المنتجات المصرية، والحفاظ عليها، يتم اتخاذ بعض المحاذير في إنتاج أو إصدار مواصفات للمنتجات عالية الخطورة، مشيرا إلى أنه جار العمل على وضع الحلول النهائية لوضع الثقة في أي شهادة تصدر من الهيئة، خلال الفترة المقبلة.
الدكتور سمير صبري، مقرر لجنة الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي بالحوار الوطني، من جانبه قال إن قطاع مواد البناء يمتلك جميع المقومات والجودة التي تؤهله للتنافسية بالأسواق الخارجية حال توفير الدعم والمساندة اللازمين لتحقيق ذلك، مشيرا إلى أن الدولة المصرية خلال عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي اهتمت بدعم وتطوير الصناعة لتغطية احتياجات السوق.
ولفت خلال مشاركته ضمن فعاليات ملتقى بناة مصر في نسخته التاسعة، إلى أن قطاع الأسمنت مؤهل للوصول بحجم صادراته إلى 30 مليون طن خلال الفترة المقبلة، منوها بأنه يمكننا الحصول على طاقات إنتاجية بنحو 80 مليون طن سنويًا، في حين أن معدل الاستهلاك يصل إلى 45 مليون طن، مشيرا إلى إتاحة المزيد من الفرص التصديرية للأسواق الخارجية ولكنها تتطلب المزيد من الدعم، وتوفير المساندة التصديرية، مع إزالة جميع المعوقات أمام الصناع لزيادة حجم صادرات القطاع.
وفيما يتعلق بالحديد، أوضح صبري أنه يتم تصدير نحو 1.5 مليون طن سنويا، وتمتلك السوق المصرية القدرة على تصدير نحو 3 ملايين، ما يعني أن لدينا فرصًا جديدة لمضاعفة صادرات الحديد والأسمنت ومن الممكن الوصول إلى 300% خلال الفترة المقبلة، كما أن العالم يستهلك نحو 4.5 مليار طن سنويا من الأسمنت، منوها بوجود أسواق عديدة بدول أوروبا يمكننا فتح أسواق بها والتصدير إليها.
وأكد أن الصناعة جزء لا يتجزأ من الاقتصاد المصرى، كونها تسهم بنحو 17% من الناتج المحلى الإجمالى، وتستوعب نحو 15% من جملة العمالة المنتظمة، علاوة على إسهامها فى نشاط التصدير بنسبة تتراوح بين 80% و85% من إجمالى الصادرات السلعية غير البترولية، ما يجعلها تتبادل المركز الأول مع تحويلات المصريين بالخارج فى قائمة المصادر الرئيسة المولدة للنقد الأجنبى، ومن هنا تأتى أهمية دعم هذا القطاع الحيوى الذى يعد بجانب القطاع الزراعى من أهم دعائم الاقتصاد القومى.
وأشار صبري إلى أن الفترة الأخيرة شهدت طفرة كبيرة حققها قطاع الصناعة بدعم مشروعات كبيرة، ما ساهم فى نمو الصناعة وزيادة معدلات التصدير، رغم التحديات الخارجية، وانعكس ذلك على نمو الاقتصاد المصرى وزيادة فرص العمل، إذ أولت القيادة السياسية اهتمامًا غير مسبوق بتطوير القطاعات الصناعية وزيادة معدلات التصدير، متابعا: «وتتعدد جهود الصناعة فى التنمية، مثل تشجيع الأنشطة الصناعية للمشروعات المتوسطة والصغيرة ودمجها بالاقتصاد الرسمى”.